يعد الديكور المسرحى واحداً من أهم العناصر المرئية على خشبة المسرح إذ أن ذلك العنصر يقوم بتشكيل الموجودات على خشبة المسرح من أثاث أو مناظر أو ما إلى ذلك من كل عناصر التشكيل البصرى للكتل الموجودة على خشبة المسرح، فالديكور المسرحى فى ابسط تعريف له هو كيفية التشكيل والتوزيع للكتل على الخشبة المقام عليها العرض المسرحى وتلك الرؤية لذلك التوزيع لا تكون فى المطلق ولكن يتحكم فيها الحتمية الدرامية لوجود كتل بعينها.
لذا نجد أن فن الديكور المسرحى فن قائم على أسس علمية ودراسات منهجية إذ يمثل علم مستقل بذاته نابع من تعدد مجالات الفنون المشتركة فى إنتاج العرض المسرحى كما يرتبط عنصر الديكور المسرحى بشكل مباشر مع عنصر الإضاءة وذلك لأن العنصران السابق ذكرهما يكون على كاهلهما الجانب الأكبر من التشكيل البصرى للفراغ المسرحى على خشبة المسرح إلى جانب باقي العناصر البصرية الأخرى. من تلك المقدمة الموجزة عن الديكور المسرحى سنتعرف فى ذلك الموضوع على تعريف الديكور المسرحى ثم ننتقل إلى المذاهب الفنية فى الديكور المسرحى ونتعرف على أهمها.
" 1- تأصلت كلمة (ديكور) في القاموس المسرحي الشفاهي في العالم العربي، وهى كلمة فرنسية المصدر ولكنها لآتينية الأصلdecor. ومن الأفضل تعريبها لأن هناك أقساماً في بعض المعاهد الفنية للديكورات الداخلية، والديكورات المسرحية، ولأن كلمة (منظر) العربية متخمة بكثرة الدلالات الدرامية والمسرحية.والمقصود بالديكور المسرحي : القطع المصنوعة من أطر الخشب والقماش أو نحوهما، والمقامة في الغالب فوق المسرح لكي تعطي شكلاً لمنظر واقعي أو خيالي أو كلاهما معاً ، علي أن ترتبط إيحاءات هذا المنظر بمدلولات المسرحية المعروضة.ولهذا فإن الديكور المسرحي ليس فناً منفردا بذاته ولكنه فن يتعايش مسرحياً مع الفنون الأخري كالموسيقي والتصوير والإضاءة والتمثيل لخدمة النص المسرحي والمساعدة في تأدية مضامينه.
3- أما المسرح الروماني فقد عرف ثلاثة أنواع للديكورات كانت ثابتة الشكل تقريباً:
أ- منظر شارع به منازل للمسرحيات المأسوية.
ب- منظر شارع به منازل خاصة للملاهي.
ج- منظر ريفي للهزليات.
4- أما المنظر المسرحي في تمثيليات العصور الوسطي فكان يتمثل في جانب من الكنيسة.
المذاهب الفنية المختلفة وعلاقتها بالديكور المسرحى
أولاً: المذاهب القديمة
وتنقسم إلى ثلاثة أقسام:
أ- المذهب الدينى :
ظهر فى العصر الفرعونى وأوائل العصر الإغريقى ثم ظهر فى العصور الوسطى ويعتمد على التعاليم والطقوس الدينية.
ظهرت فى أواخر القرن الثامن عشر واستمرت حتى عصرنا هذا، وهى دائمة التحول لا تسير بشكل واحد او تدور حول نقطة معينة وإنما تتميز بقابليتها للتطور والتغير فى التقاليد واستجابتها للتقدم العلمى والصناعى ومحاولة كشف عالم الغيب مما ساعد على بروز مدارس فنية متنوعه. نستنبط من ذلك أن العقلية الحديثة قد تشكلت بتأثير التطورات العلمية والتى كانت نتيجة حتمية للحروب التى عانى منها الكثير، وللتعقيد الذى سببه عدم الاستقرار والثورات الاجتماعية والتيارات السياسية، وقد انعكس كل هذا بشكل واضح فى محاولات وتجارب تعبر عن وجهات نظر جديدة وتسعى لكشف رؤى جديدة تحمل انطباعاً ابتكارياً دون النظر للمنهج الأكاديمى، والقواعد والتقاليد الموروثة التى تؤكد قواعد المنظور والظل والنور والنسب الواقعية للأجسام ووصفها كما تظهر فى الطبيعة لإبراز المعامل الموضوعى وهى المثاليات التى أتى بها عصر النهضة وسنتكلم فيما يلى عن هذه المذاهب بالتفصيل.
فى أواخر القرن الثامن عشر حلت بالمسرح روح جديدة مقرونة بظهور الحركة الرومانسية فى الأدب فأخذ المهتمون بالمسرح يبحثون عن أسس الفن المسرحى فى الحياة الواقعية بعيداً عن الفنون التقليدية الكلاسيكية وتعتمد نظرتهم أساساً على مهاجمة قانون الوحدات الثلاث والأسس التى سادت لفتره طويلة من الزمن، أما المذهب الرومانسى فهو مذهب الانطلاق مذهب الحب والعاطفه التى تحرك الأحياء جميعاً وتتلاعب بهم وتوجههم وتستبدهم أشد مما يستبدهم القضاء والقدر فى المسرحية الكلاسيكية. ولقد تميزت الرومانسية بثلاث اتجاهات مختلفة :
1- واقعية التاريخ realism of history
اتجه الرومانسيون الأولون إلى الماضى للعناية بالموضوعات التاريخية كما بالغوا فى إظهار الحوادث والملابس والمناظر التاريخية على المسرح التى لم تقتصر على إظهار الواقع كما هو بل أضافوا إليه عناصر الجمال والفخامة والمبالغة والخيال.
الديكور:
ظهر هذا المذهب فى أواخر القرن التاسع عشر وقدم الواقع الملموس كما هو على خشبة المسرح بجماله وقيمه بدون تغيير أو تبديل لذلك ظهر هذا المذهب قوياً مستمداً من الواقع المحيط بنا موضحاً ضرورة التصوير الطبيعى للديكور والأثاث بما يتفق والطبيعة كذلك اعتنوا بالملابس وتاريخها الصحيح ومطابقتها تماماً لما هو كائن فى الحياة .
المذهب الواقعى "realism "
إن المسرح باعتباره فناً يجب أن يكون مبنياً على بعض التقاليد المعينة كالتى تبنى عليها جميع الأشياء الأخرى الفنية الجمالية؛ فإن تكامل الشكل النابع من قوة خيالنا يجب ألا يتمسك بالتفاصيل الدقيقة كأقفال الأبواب والمفصلات فى المناظر الداخلية وفروع الأشجار وأوراقها فى المناظر الخارجية على طريقة المذهب الطبيعى إذ أن كل شئ فى الديكور يتطلب ضبطاً فنيياً لخلق الشعور الحقيقى بحيث يكون صادقاً مقبولاً على خشبة المسرح لذا فإن المسرحية الطبيعية الوحيدة التى لا نجدها إلا فى المحادثات والمناقشات العامة التى تجرى بين الناس فى حياتنا اليومية فإذا تعود الجمهورعليها، و يرى المناظر المنقولة نقلاً حرفياً من الطبيعة فقد شعوره بالإحساس المسرحى. لذلك أتجه هذا المذهب فى أواخر القرن التاسع عشر نحو استبدال الأشياء الطبيعية بأخرى قريبة منها تصلح للعرض على المسرح. ومن أشهر فنانى هذا المذهب ليون باكست(leon bakst) الرسام الروحى الذى اشتهرت أعماله بالألوان الزاهية والمحاولات الجريئة.
جاء هذا المذهب كرد فعل للمذهب الواقعى والطبيعى اللذين كاناً يهدفان إلى إظهار التفاصيل على المسرح وعلى ذلك فإن المذهب يدعو إلى استبعادها واستبدالها بأشياء أخرى رمزية . وإذا تعمقنا فى دراسة المذاهب المختلفة نجد أن معظم الفنانين المسرحيين يستوحون إلهامهم وتجديداتهم من بعض المسارح القديمة ففى المسرحين الإغريقى والإليزابيثى استعملت الرموز على خشبة المسرح مثل وضع كرسى على أنه يرمز إلى قاعة العرش والخيمة ترمز إلى ميدان الحرب والشجرة ترمز إلى الغابة ..إلخ.
أصحاب هذه المدرسة يعتبرون الديكور الرمزى خادماً لنص المسرحية بدرجة تكفل له الوصول إلى نفوس النظارة بالمعنى المقصود منه. لذلك فإن مهندس الديكور الرمزى لا يعتبر فناناً إلا إذا صدر أنتاجه عن فهم وعمق وفن ودراسة للمدرسة الأكاديمية ليكتسب منها أسس تكوينه المعمارى. إن محاكاة الأوضاع الطبيعية شئ هام عند تمثيل الأشياء تمثيلاً رمزياً لأن الرمز يعتمد على تلخيص المعنى الذى نحس به فى المرئيات إما عن طريق ترجمته المباشرة للموضوعات بتنظيمات مجردة مركبة بعضها مع البعض- او تكوين إشكال معينة على مساحة مسطحة بينها علاقات ايقاعية متوافقة ومتدرجة لإخراج علاقات شكلية فى اتجاهات مختلفة واتجه هذا المذهب إلى تخليص الديكور من التقاليد الآلية التى ارتبطت به كالماكينة الفوتوغرافية.
والمذهب الرمزى ينقسم الى قسمين:
1- الرمز المعنوى:
مثل إسدال الستائر الفسيحة لترمز إلى الرهبة والفخامة والعظمة والجلال واستعمال الإضاءة الخافتة والظلال لترمز إلى الحالات النفسية فالضوء الأصفر مثلاً يرمز إلى الغيرة والأحمر يرمز إلى الشر والدم..إلخ كما أن الظلال توضح الشكل ومكان الأشياء التى توضع على المسرح.
2- الرمز المادى:
مثل وضع شجرة ترمز إلى الغابة أو شباك ليرمز إلى المنزل او سلم ليرمز للدور العلوى أو جمجمة لترمز إلى الموت..إلخ. كما استعمل نظام المستويات المختلفة على أرضية خشبة المسرح ليتنقل عليها الممثلون فيسهل بذلك نقل الأثر إلى المتفرجين. ومن أشهر فنانى هذا المذهب جوردن كريج(gorden graig) المهندس المسرحى الأنجليزى وهو أول من نادى بالمذهب الرمزى الذى استعمله فى تصميماته وأعماله بكثرة.
ظهرت النزعة السريالية فى فترة ما بين الحربين العالميتين الأخيرتين فاصطبغت بحرارة الحرب وسخرت من الجدية والفكرية واتخذت الأفكار الخيالية والشخصيات المضحكة والمناظر المخيفة نبراساأ لها.بعد ان اقتلعتها من أوضاعها الروتينية المالوفة ووضعتها فى قوالب أخرى غير مالوفة لم ترها العين من قبل إلا فى الأحلام. لذلك ابتعد هذا المذهب عن التصوير الحقيقى للأشياء واتخذ العقل الباطن او اللاشعور كمصدر إيحاء له فأظهر بذلك ما ينطوى عليه الكيان المخفى للشخص فى عقله الباطن، وساعد على الالتنفيس عن مكبوتات اللاشعور وإيقاظ ما تتميز به طفولتنا من خيال ،وهو مذهب ضد الواقع الحى الذى نلمسه فى حياتنا اليومية.
بظهور هذا المذهب بدأت روح جديدة فى إحياء المناظر المبسطة بدلاً من المناظر التفصيلية المتخذة من واقع الحياة ،وهى مناظر خلقت عالماً جديداً من المتعة وغيرت المنطق الوصفى للاشياء واصبحت الإحلام هى الرؤية المتحركة لا لاظهار الواقع بل إلى ما وراء الواقع. والمناظر فى هذا المذهب تتميز بألوان كثيرة تعتمد على الإيقاع والتكوين وذلك باستخدام الرسم الحديث بحرية مطلقة لتكوين الكثير من المناظر المسرحية جاعلين الديكور فى حالة حركة عن طريق تشكيل الخطوط والألوان بطريقة زخرفية تعبرعن التشكيلات الجمالية وكانت هذه النزعة مرآة للقلق والتوتر الذى يسود مجتمعنا، كما كان هذا المذهب بعيداً كل البعد عن الصدق البصرى مؤكداً الانفعال التراجيدى وكان اهتمام مصممى الديكور منصباً على ما تحدثه المناظر من نفوس المتفرجين من إحساسات مترجمين بذلك العالم الداخلى لللاشعور. ومن أشهر فنانى هذا المذهب الكسندر تيرون(alexandre tyron) والكسندر اكستير( alexandre exter) و استروفسكى (astrovsky).
بسبب المنافسة الشديدة التى ظهرت بين المسرح والسينما والتى خرجت فيها السينما منتصرة انتصاراً باهراً فى محيط الواقعية نظراً لإمكانياتها الواسعة اتجه المسرح لتبسيط المناظر وتشكيل أرضيته إلى مستويات مختلفة تصلح كأماكن للتمثيل.ومن أشهر فنانى هذا المذهب ترنس جراى (terence gray) اورسون ويلز(orson welles ) و ثورنتون ويلدر (thornton wilder) روبرت ادموند جونس (Robert Edmond jones )ومن أهم المسارح التى بنيت لهذا المذهب مسرح تريد يونيون(trades unicnes theatre) ومسرح كمبردج(festival theatre et Cambridge) ومسارح أخرى ".(2)
المصادر:
1- ابراهيم حمادة(د): معجم المصطلحات الدرامية والمسرحية، القاهرة، دار المعارف،1985، صـ130 .
2- لويز مليكة(د): الديكور المسرحى، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب،ط3 ،1990، صـ185:175 .
الحواشي
ليون باكست
" ليون باكست ذلك الرسام الروسي الذي اشتهرت أعماله بالألوان الزاهية والمحاولات الجريئة. وهومن رواد المذهب الواقعي الذي ظهر مع بلزاك وستندال وفلوبير ذلك المذهب الذى قامت مبدائه التشكيلية على استعمال سينوغرافيا واقعية تنقل الواقع بطريقة غير مباشرة، لكن فيها نوع من الفنية والجمالية والإيهام بالواقعية. و المذهب الواقعي يهتم" بالتكوين وعمارة المنظر وعلاقات الخطوط والشكل واللون، وذلك لتمثيل فكرة لها طابع متكامل بدلا من مجرد تسجيل المظهر الخارجي للأشياء الطبيعية(1). "
" ثورنتون ويلدر( 1897 ) كاتب روائي و مسرحي أمريكي , تعلم في الصين حيث كان يعمل والده. وأتم دراسته الجامعية في أوربا والولايات المتحدة. عمل كمدرس للشعر في جامعة هارفارد في الفترة ما بين عامي(1951،1950 ). اتسمت أعماله بمعانيه الجميلة والمعبرة عن الواقع ".(2)
" ألكسندر نيقولايفيتش أستروفسكي Aleksandr Nikolaievitch Ostrovsky مؤلف مسرحي روسي ولد في موسكو، ودرس الحقوق استجابة لرغبة والده وعمل بسعي منه في المحكمة التجارية (1843-1851) التي وفرت له معرفة حميمة بالتجار وأجوائهم التي برع في تصويرها. يعدُّ أستروفسكي، رائد المسرح القومي الروسي، وقد عمل على تحريره من التبعية والتقليد، ولم يتوقف نشاطه عند حدود الكتابة، بل تعداها إلى التمثيل والإخراج. يقوم مسرح أستروفسكي على وصف الشخصيات وارتباطها بالبيئة وغالباً مايكون الصراع الدرامي بين الجهل وضيق الأفق والرغبة في حياة حرة منفتحة ". (3)
" ويعد من أهم رواد عصر الواقعية حيث كتب ألكسندر أستروفسكي، وهو أكثر كتاب المسرحية الروس شهرة وأغزرهم إنتاجًا، روايات ينتقد فيها الطبقة الوسطى. واستخدم اللغة الروسية اليومية الدارجة مما جعل رواياته تلقى إقبالاً شديدًا ".(4)
مصادر الحواشي
2- http://www.alfaris.cc/vb/showthread
3- http://www.arab-ency.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق